اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)

اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD): الأعراض والأسباب وطرق العلاج
اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) هو حالة نفسية معقدة تظهر بعد التعرض لحدث صادم يهدد الحياة أو السلامة الجسدية. يؤثر هذا الاضطراب على الملايين حول العالم، ويتراوح تأثيره بين صعوبات يومية خفيفة إلى معاناة شديدة تعيق جودة الحياة. فما هي أعراضه؟ وما العوامل التي تزيد احتمالية الإصابة به؟ وكيف يمكن التعافي منه؟
ما هو اضطراب ما بعد الصدمة؟
يحدث اضطراب ما بعد الصدمة عندما يفشل الدماغ في معالجة التجربة الصادمة بشكل طبيعي، مما يؤدي إلى استمرار الشعور بالخطر حتى بعد زوال التهديد الحقيقي. قد تنتج الصدمة عن حوادث مرورية، حروب، اعتداءات جسدية أو جنسية، كوارث طبيعية، أو حتى وفاة مفاجئة لأحد الأحباء.
ليس كل من يتعرض لصدمة يصاب باضطراب ما بعد الصدمة، إذ تلعب عوامل مثل الدعم الاجتماعي والتكوين النفسي للفرد دورًا حاسمًا في تحديد مدى التأثر.
الأعراض الشائعة لاضطراب ما بعد الصدمة
تتنوع أعراض الاضطراب وتظهر في عدة جوانب:
1. استرجاع الذكريات (الفلاش باك)
يعاني المصابون من ذكريات متكررة لا إرادية للحدث الصادم، كأن يعيشوه مرة أخرى بأحاسيسه وتفاصيله المؤلمة. قد تظهر هذه الذكريات خلال اليقظة أو على شكل كوابيس مزعجة أثناء النوم.
2. التجنب والانعزال
يحاول المريض تجنب الأماكن، الأشخاص، أو الأحاديث التي تذكره بالصدمة، مما قد يؤدي إلى انسحاب اجتماعي وصعوبة في ممارسة الحياة الطبيعية.
3. فرط اليقظة والتوتر
يشعر المصابون بقلق دائم، كما لو أن الخطر لا يزال قائمًا. قد يصاحب ذلك صعوبة في النوم، نوبات غضب غير مبررة، أو ردود فعل مبالغ فيها عند المفاجأة.
4. تغيرات سلبية في المزاج والتفكير
يفقد الكثيرون الاهتمام بالأنشطة التي كانوا يستمتعون بها سابقًا، ويصابون بمشاعر سلبية مثل الذنب أو العجز. بعض المرضى يطورون اعتقادات خاطئة عن أنفسهم أو العالم، مثل “أنا ضعيف” أو “لا يمكن الوثوق بأحد”.
العوامل التي تزيد خطر الإصابة
بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة باضطراب ما بعد الصدمة بسبب:
– شدة الصدمة: كلما كانت التجربة أكثر عنفًا، زادت احتمالية التأثر.
– غياب الدعم النفسي: عدم وجود أشخاص مقربين لمساعدتهم في التغلب على الأزمة.
– تاريخ مرضي: وجود اضطرابات نفسية سابقة مثل الاكتئاب أو القلق.
– الاستعداد الوراثي: قد تلعب الجينات دورًا في كيفية استجابة الجسم للتوتر.
طرق العلاج المتاحة
رغم صعوبة التعافي التام، إلا أن العديد من الخيارات العلاجية تساعد في إدارة الأعراض:
العلاج النفسي
يعد العلاج السلوكي المعرفي (CBT) الأكثر فعالية، حيث يركز على تغيير أنماط التفكير السلبية المرتبطة بالصدمة. هناك أيضًا علاجات متخصصة مثل “إزالة التحسس وإعادة المعالجة بحركة العين” (EMDR).
الأدوية
قد يصف الأطباء مضادات الاكتئاب لتخفيف الأعراض مثل القلق والاكتئاب، لكنها لا تعالج الاضطراب جذريًا.
الدعم الذاتي والمجتمعي
ممارسة الرياضة، تقنيات الاسترخاء، والانضمام إلى مجموعات دعم تضم أشخاصًا عانوا من تجارب مماثلة يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا.
الأمل في التعافي
اضطراب ما بعد الصدمة ليس نهاية المطاف، بل تحديًا يمكن تجاوزه بالعلاج المناسب والصبر. كلما تم طلب المساعدة مبكرًا، زادت فرص استعادة السيطرة على الحياة. الوعي بهذا الاضطراب وخطوات مواجهته هو أول الطريق نحو الشفاء.